آياية بداية النهاية

بسم الله الرحمن الرحيم* الحمد لله الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك البصار سبحانه وتعالى الواحد القهار، جعل أمر الساعة عنده من الأسرار ثم جعل من آيات اقترابها الحشر بالنار قال في تفصيل كتابه العزيز:
«أَفَرَأَيْتُمْ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (*) أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (*) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ (*) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ»[الواقعة:71-74] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار الذي أكثر في ذكر آية الحشر حتى أشار إلى كيفية استخراجها من الآبار، وإلى استفاضتها وانخفاض قيمتها بين التجار فالاقتتال عليها وقد صار..
اللهم وسلم وبارك على سيد الأخيار وعلى آله وصحبه الأطهار، قال: [أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب]
أما بعد:
فإن المحروقات (النفط والغاز) الكائنة في زماننا هي آية الحشر التي تقدم ذكرها باختصار، وقد ظهرت منذ أزيد من مائة عام بحضور نخبة من الأشرار، فأسفرت عن طور جديد تغيرت خلاله أحوال الناس ووسائل السعي والانتشار، ولا سيما بعد أن صارت تسوقهم وتلازمهم في البوادي والأمصار، عندئذ ترك زيد العشار! وركب العاديات والمرسلات في البر وسار! ثم غاص بالنازعات في أعماق البحار! كما ركب الصافات والذاريات وطار بين المشارق والمغارب وغار! ثم ارتقى في الأطباق ودار حول الأرض فوضع الأقمار! الحبك التي ضمنت وصول الأخبار وما يعرض من ذكر وعلوم وإفك وزور وعار وشنار إلى الأصداع القابعة عند كل دار..! هنالك علم أطفالنا الصغار أن هذه المراكب قد جاءت باليهود ملعونين من الأقطار..! تجري بهم نحو المنايا والنهاية لا حيث العجل خار..! حيث شاء الرحمن وأخبر المختار..! قال الله عز وجل: «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْألْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً (*) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (*) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنْ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (*) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً (*) وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (*) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (*) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (*) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً»[الإسراء:101-108]
وقال عليه الصلاة وأزكى التسليم: «إنها ستكون هجرة بعد هجرة، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها، تلفظهم أرضهم، تنذرهم نفس الله، تحشرهم النار مع القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتأكل من تخلف».
صدق الله ورسوله، فاعتبروا يا أولي الأبصار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد استغنى عن ذكر الطائرة كهيكل مصنوع بذكر الطاقة التي تدفعها ومنه قوله تعالى: :«وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ»[الأنبياء:80]
حكى ابن كثير رحمه الله فقال :[وذلك انه كان له بساط من خشب، يوضع عليه كل ما يحتاج إليه من أمور المملكة والخيل والخيام والجند ثم يأمر الريح أن تحمله ، فتدخل تحته وترفعه وتسير به] اهـ. وظاهر هذه الآية الكريمة يبين وأن المولى تبارك وتعالى قد استغنى عن ذكر مركبة سليمان عليه السلام بذكر الريح الحاملة للمركبة كما تقدم في كلام ؛ وعليه يكون النبي صلى الله عليه وسلم في حديث انس رضي الله عنه من رواية البخاري المذكورة قد أراد الطائرة بيد أنه استغنى عن ذكرها بذكر الطاقة التي تدفعها، وقد ورد ما يشير إلى الطائرة وأحوال الناس يومئذ في رويات عديدة ليس هنا مجال تفصيلها والله أعلى وأعلم

ولنا عودة إن شاء الله في موضوع آخر