الجزائر من البلدان القليلة في العالم التي لا يوجد فيها تسيير ديمقراطي للجامعات

العضو السابق في الكناس ودكتور الوراثة الجزئية شربال فريد: الجزائر من البلدان القليلة في العالم التي لا يوجد فيها تسيير ديمقراطي للجامعات


يؤكد الدكتور في مجال الوراثة الجزئية والمختص في سرطان الثدي شربال فريد أن الجزائر هي حاليا من البلدان القلائل في العالم التي لا يزال ينعدم فيها تسيير ديمقراطي في الجامعات. وقال الأستاذ المحاضر في جامعة باب الزوار والعضو السابق في المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي “كناس” إن التعليم العالي والبحث العلمي ينبغي أن يصبح كلاهما من الأولويات في بلادنا.

لا يزال هناك حديث من جانب بعض المسؤولين عن نسبة مهمة ممن أعطيت لهم منح في الخارج دون أن يعودوا إلى أرض الوطن خلال فترة السنوات الأخيرة.. ما هو عدد هؤلاء على وجه التحديد؟

عند الحديث عن مشكل الإحصائيات في هذا الإطار، لابد من التساؤل حول من يملك الإحصائيات الفعلية عن عدد الأساتذة والباحثين الذين كانت لديهم وظائف في الجامعة الجزائرية.

وهل تملك الوزارة الوصية أرقاما دقيقة حول الموضوع؟

من الضروري الرجوع إلى الوزارة الوصية بخصوص أرقام كهذه على أية حال، لكن في الواقع لا بد من الإشارة إلى أن هناك نوعين من هجرة الباحثين والأساتذة الجامعيين، إحداهما ذات طابع داخلي وظهرت مع بداية الألفية الحالية عندما هاجر هؤلاء من الجامعات نحو القطاع الخاص الإقتصادي وحتى القطاع العمومي من خلال المؤسسات العمومية الكبرى، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن سبب هذا النوع من الهجرة كان ذا طابع اقتصادي ويتمثل في البحث عن أجور أفضل. وقبل ذلك كانت هناك هجرة لهؤلاء نحو الخارج مع بداية التسعينيات وهذا النوع من هجرة الأساتذة والباحثين كان أيضا لسبب اقتصادي لكن هذا الأخير كان مقرونا أيضا بأسباب ذات طابعين سياسي وأمني في تلك الفترة.

ومن الضروري الإشارة إلى أن الهجرة التي انطلقت مع بداية الألفية وبدافع اقتصادي كانت نحو بلدان الشرق الأوسط ولا سيما نحو المملكة العربية السعودية لكنها كانت أيضا نحو أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، ومن الضروري أيضا الإشارة إلى أن هؤلاء الذين ذهبوا في تلك الفترة ووفق هذه الظروف يشملون من كانت لديه منحة ومن لم تكن بحوزته منحة على حد السواء، كما أنه من الخطأ الإعتقاد بكون الذين ذهبوا نحو بلدان الشرق الأوسط هم فقط من المختصين في مجال العلوم الإنسانية على اعتبار أن الكثيرين منهم كانوا عاملين في مجال العلوم

والتكنولوجيا.

وهل لا تزال مثل هذه الهجرة مستمرة إلى يومنا هذا؟

لقد قلت هذه الهجرة منذ سنة 2008 على اعتبار أن هذه السنة عرفت تثمينا لأجور الأساتذة وبعث ديناميكية في مجال البحث العلمي، وهذه الديناميكية التي عرفها القطاع منذ سنة 2008 يمكن ملاحظتها من خلال المقالات المنشورة في مختلف المجالات الجامعية، وخلال سنة 2012 سجل وجود 45 ألف أستاذ جامعي منهم 22 ألف باحث في بلادنا.

ولابد من الإشارة أيضا إلى أن نقابة “الكناس” أو ما يعرف بالمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي كان لها دور أساسي في إقناع الزملاء من أجل البقاء والنضال وذلك منذ أول إضراب شنته هذه النقابة في عام 1996 وإلى غاية آخر إضراب في عام 2006.

إن الجزائر هي من البلدان القليلة التي تملك جامعة وطنية في جنوب الكرة الأرضية ـ على غرار الصين وإيران - مع ما يوجد من رصيد تاريخي على هذا الصعيد، وعندما يتكلم المسؤولون عندنا عمن أخذ منحة نحو الخارج، ينبغي الإشارة إلى أن هناك من ذهبوا أيضا خلال فترة التسعينيات.

ولكن ما هي المشاكل التي لا تزال تعترض الإرتقاء بالجامعة والبحث العلمي عندنا وعلى نحو ينتهي معه الحديث عن هجرة الأساتذة والباحثين؟

لا تزال هناك مشاكل موجودة على هذا الصعيد ونحن من البلدان القليلة في العالم التي لا يزال ينعدم فيها تسيير ديمقراطي للجامعات رغم أن ذلك يتنافى مع توصيات منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية

والعلوم ـ يونيسكوـ منذ سنة 1998 كما يوجد أيضا مشاكل نظام “الأل . أم . دي” أو ما يتعلق بالمنظومة الجامعية وجوهر الأزمة التي تعيشها الجامعة الجزائرية منذ 30 سنة يتمثل في انعدام سياسة تعليم عالي وبحث علمي تكون لديها ـ أي هذه السياسة ـ أهدافا على المديات القصيرة

والمتوسطة والطويلة. ومع الإشارة أيضا إلى أنه تم في سنة 1985 حل الوكالة الوطنية للبحث العلمي التي كانت مكلفة بالبحث والتكوين فضلا عن الدور الكبير الذي كانت تقوم به في مجال تجنيد الباحثين، فإنه لدينا فقط في الوقت الحالي تسيير لتدفقات الطلبة... إن التعليم العالي والبحث العلمي لا بد أن يصبح كلاهما من الأولويات في بلادنا.